مفهوم الاقتصاد ابتدأَ كأساس لرفع الانتاجية وجعل المنتجات والخدمات متاح للجميع بقيمة معقولة في الاقتصاد الصغير -الاقتصاد الجزئي- بدون خسارة تكلفة الإنتاج. بمعنى أن القيمة الاسمية لمنتج يجب أن تغطي الوقت والطاقة المبذول لانتاجه. وهو ما يعبر عنه قانون حفظ الاستدامة الإنتاجية لكنه توسع ليكون أساس الاقتصاد الكلي الشامل لكل اقتصاد جزئي. فنمو الاقتصاد بحيث تتقارب فيه قيمة الإنتاج للكلفة هو أمر أساسي لاستدامة ذلك الاقتصاد وتطوره ليخدم كلا من الاقتصاد الجزئي والاقتصاد الكلي في آن واحد. لكن كما أن دافع نمو الاقتصاد الجزء هو زيادة الربحية يبقى الدافع الأهم في الاقتصاد الكلي هو موازنة الإنتاجية لتخدم الاقتصاد ككل. 

و يقصد بتحليل الاقتصاد الجزئي هي دراسة سوق معين بمعزل عن الاقتصاد ككل لغاية وهي تحقيق الحد الأعلى من الربحية. فدراسة سوق السيارات لمعرفة السبل والطرق لزيادة الربحية أو تجنب خسارة إنما في أساسه هو اقتصاد جزئي. بينما دراسة الاقتصاد ككل مجتمعا في سوق السلع والخدمات لغرض رفع الإنتاجية وضبط التضخم هو أقرب تعريف للاقتصاد الكلي. فالاقتصاد الكلي ينظر لرفع الإنتاجية الخدمية والسلعية -الإنتاج المحلي- في فترة زمنية معينة لهدف معين كتخفيف البطالة أو توجيه الاقتصاد باتجاه إنتاجية مختلفة. و تتم هذه الموازنة بالتحكم بالتضخم بفرض ضرائب أو تغيير السياسة المالية أو النقدية للبنك المركزي . فغرض الاقتصاد الكلي هو زيادة الإنتاج الحقيقي -الكمي- من سلع وخدمات لا الزيادة في النقد الموجود في الاقتصاد. فقياس الناتج المحلي الحقيقي يكون بقياس كمية الإنتاج لا قيمة الإنتاج. فالعبرة بزيادة كمية السلع في فترة زمنية معينة كالزيادة السنوية في إنتاج السيارات بغض النظر عن السعر الاسمي الوقتي لتلك السلعة. فتضخم الأسعار الاسمية في فترات زمنية ما هو إلا انعكاس لمدى حاجة المستهلك للسلعة. بمعنى انه يوجد نقد اكثر ينافس على عدد أقل من المنتجات. لذلك هو دافع لزيادة الإنتاجية لتلبية الاحتياج الناتج عن تضخم في النقد أو استثمارات تنموية  كبناء مصانع جديدة مثلا. فمتى سخرت المصادر لرفع الإنتاجية من دون احتكار الا و تناقصت الكلفة الإنتاجية وأرخصت تلك السلعة في المجمل ليكون تضخماً تنموياً يَحُلُّ تضخم النقد.

والاسعار اليوم هي أهم مقياس لمعرفة أثر التضخم وكيفية انعكاسه على الإنتاجية في الاقتصاد. فالسعر الاسمي لسلعة ما، إنما هو قياس القيمة الحقيقية للسلعة مضافاً إليها قيمة التضخم. فالقيمة الحقيقة لمنتج تكون  انعكاس لحاجة الانسان و تكون ضمن نطاق معين و قليل التذبذب مع الوقت. أما قيمة التضخم المضافة هي مقدار التغيير في الحاجة لذلك المنتج المتولدة بسبب زيادة معروض النقد أو خلل اقتصادي او سياسي. فمثلاً، القيمة الحقيقة للكمامات لم تتغير من سنوات و قيمة التضخم السعري تقريبا لا تذكر لكن تضخم الاستهلاك مع موجة كورونا عكس الآية. فالزيادة في الأسعار الاسمية لسلعة معينة يكون ناتج في الأساس عن زيادة في الطلب غير مغفلين أثر الاحتكار. لذلك هناك سببين لزيادة الطلب و هي زيادة الطلب الناتج عن الاقتصاد الجزئي لتلك السلعة وزيادة الطلب الناتج عن النمو في الاقتصاد الكلي. فمتى كان الارتفاع ناتج عن زيادة الطلب لسلعة بحد ذاتها -الاقتصاد الجزئي- الى وعادت الأسعار الى أصلها متى تم تلبية الطلب بإنتاجية كافية و أُبطل أثر الاحتكار. أما إذا كانت الزيادة ناتجة عن نمو في الاقتصاد الكلي صَعُب عودة الأسعار إلى ماكنت عليه وإنما توجد مستوى جديد يناسب مستوى النمو الكلي للاقتصاد. فبنى مصانع لصناعة منتجات التمر سيرفع الأسعار على التمر في تلك المنطقة خالقا طلب جديد و مستدامً لانتاج منتجات لم تكن موجودة. لذلك ستكون فترة ترتفع فيه أسعار التمر عما كانت عليه سابقا خالقا تضخما تنموي و تنخفض تدريجيا إذا ما صحبت بنمو مصدر الانتاجية او بمعنى اخرى عدد مزارع التمر. 

لذلك يكون التضخم النقدي في الغالب هو وقود النمو في الاقتصاد الكلي ليخلق تضخم تنموي أو انكماشاً في الاقتصاد. فمع زيادة النقد في الاقتصاد، التضخم التنموي يرفع القوة الشرائية للنقد بالرغم من انه ينتج تضخم بالأسعار بنفس مستواه او يفوت في سلع محدودة. فالتضخم التنموي  يوجد إنتاج في الاقتصاد الكلي من حيث كمية السلع المنتجة يستوعب كمية التضخم في النقد. و في حالة التضخم النقدي الذي يكون ناتج عن زيادة كمية النقد الغير المقترن بنمو و بِلى طلب عليه من الإنتاج المحلي. كطباعة البنك المركزي لعملته المعوّمة دون نمو موازي وغالبا ما ينتج عنه انخفاض القوة الشرائية لذلك النقد ليكون بذلك الأثر انكماشي. وهذه الحالة هي الأسوأ فهي معكوس التضخم التنموي وتكون بزيادة كلفة الإنتاج العام دون زيادة في الطلب أو نمو في الاقتصاد. كأستثمار التضخم النقدي في مشروعات تنموية غير مجدية ترفع كلفة الإنتاج ولا تغطي كلفة انتاجها في المستقبل. أو الزيادة بكلفة الإنتاج بسبب احتكار أسعار الطاقة فينعكس على أسعار السلع والخدمات فيرفعها بما يؤثر على الطلب سلبيا. لذلك التضخم مفيد للاقتصاد ككل إذا أحسنت إدارته و العكس صحيح.

متى سخرت المصادر لرفع الإنتاجية من دون احتكار الا و تناقصت الكلفة الإنتاجية وأرخصت تلك السلعة في المجمل ليكون تضخماً تنموياً يَحُلُّ تضخم النقد.