Recent Posts
Archives
Categories
العلاقة بين التركيبة الإنتاجية الاجتماعية و النظام الاقتصادي
النظم الاقتصادية والتركيبة الإنتاجية لمجتمع هي الأساس في فهم ذلك المجتمع ومدى تأثيره على نفسه وعلى من حوله من مجتمعات. فترى دول سادت وقامت قائمتها لكن ما أن يختل نظامها الاقتصادي إما لسبب فساد أصل النظام الاقتصاد بمخالفة السنن الكونية أو لركود وجمود تركيبة ذلك المجتمع. فيتحول مجتمع مستهلك بعد أن كان منتج ويبقى معتمداً على من حوله. فالنظم الاقتصادية بقطبيها الرئيسين الإقطاعي والرأسمالي إنما هي نتاج فكر الإنسان في حقبة زمنية معينة أتت لتعيد تنظيم المجتمع في صورته المجملة بتحكم من اقوى قوى المجتمع نفسه، وهم أصحاب المال والسلطة، بهدف زيادة العدالة والإنتاجية في تلك المجتمعات. وإن كان ظاهرها ذلك في البداية إلا أن الوقت كفيل بإثبات او نفي فعالية تلك الأفكار و النظم ومردودها على أفراد ذلك المجتمع. . فمتى قُوّمت سلطة القرار بمجتمع ديمقراطي انحاز الاقتصاد نحو الرأسمالية، ومتى حصرت سلطة القرار بمجموعة أو فكرة انحاز الاقتصاد نحو الإقطاعية. فسنة الكون أن يكون الاقتصاد حراً، يزيد غنى أفراد المجتمع بتمكينهم ورفع إنتاجيتهم فتجد من كان لا يجد قوت يومه بالأمس بسبب تعطيل نفسه لعقله وجسمه أو قوانين أعاقته، كافياً حاجته منتج على من حوله. فعدالة الاقتصاد أن يغتني المجتمع ككل فتزداد فرص الحصول على حياة أفضل الحياة. فتفاوت الطبقات ليس إلا سنة كونية لكن توافر الفرص للارتقاء بالطبقات الاجتماعية إنما هو أصل الاقتصاد و هو أشد شاهد على نجاح أو فشل تلك النظم الاقتصادية.
إنتاجية الإنسان منذ بدء الحضارة الإنسانية كانت محصورة محدودة على انتاج دخْلي او تأجيري كزراعة ورعي. فمهما بذل من فكر وجهد يبقى نفعها محصوراً محدودا على دائرته الضيقة. فتجد غالبا ان التركيبة لمجتمعات ما قبل الثورة الصناعية تنقسم الى طبقتين طبقة الأثرياء وطبقة العمال والبسطاء فقل فيها من ينتقل بين الطبقتين الى لدعي حرب أو ثأر.فهي مجتمعات صغيرة باقتصاد إقطاعي يحتكر فيه أصحاب الثروة الإنتاج بأصولهم من ارض ومعادن والتي هي أصل إنتاج ذلك المجتمع. لكن عندما أتت الثورة الصناعية بمفهوم الإنتاج الصناعي اللامحدود و توافر الموارد. فالإنتاج الصناعي أتى بالآلة والتكنلوجيا اللتان هما أصل الإنتاج في الاقتصاد. فهما قادرتان على تعظيم حجم العرض وذلك بخلاف أصل الإنتاج الدخْلي أو التأجيري المحدود. فأمكن الآلة أن تصنع نفسها لكن لا يمكن زراعة الأرض مرتين في نفس الحول فانتاجها محدود. فالثورة الصناعية رفعت قيمة الفكر و المعرفة فهي وقود زيادة انتاج الالة، وقللت من احتكار الموارد بلا نفع. و هذا مكن الإنسان العاقل الفاهم المسخر لأسرار هذا الكون لأن يملك ما لم يملك أعظم الملوك من قبله وأن ينتج ما لم يعي من سبقه. فتساوى البشر و تفاوتوا بعقولهم. فبعد أن كانت قوة الذراع هي من تضع لك مكاننا في مجتمعك أصبح العقل والفكر عملة تدر الغناء على من لا أصل ولا قوة له. فشارك أصحاب العقول والفكر ثراء الطبقة الغنية وأخذوا من حصصهم التي كانت حصرا لهم ولمن ورثهم لدهور. فغيرت الثورة الصناعية من تركيبة المجتمع واحتياجاته لتشكل الطبقة الوسطى التي لم تكن موجودة من قبل.
الإنتاج الصناعي عآظم الإنتاجية نوعً و كمً فأوجد سلعا لم تكن موجودة وأرخص سلعا صعب تحصيلها. فقلل من الاحتكار وأوجد الحاجة للاستهلاك والابتكار و هو أصل تدفق الأموال في الإنتاج الصناعي. وهنا وجدت الطبقة الغينة ومن شاركهم من أصحاب العقول الحاجة لطبقة وسطى مستهلكة ليس فقط لحاجتهم لعقولهم و أذرعهم بل ليستهلكوا ما تنتجه مصانعهم. فوجود الطبقة الوسطى مرهون بإنتاجها واستهلاكها و أن توجد نفسها بنفسها. فبرغم ان حد الطبقة الوسطى هو كون أفرادها قادرين على استهلاك البضائع والخدمات الغير ضرورية كالقدرة على التمتع في الاجازات وتوفر العناية الصحية الكمالية، الا ان انتاجها غالبا ما يحدث قفزات نوعية في إنتاج الاقتصاد الكلي فيزيد ثراء المجتمع ككل. فالرفاهية التي أوجدتها الآلة رفعت حد الكفاف و اوجدة الحاجة لانتاج اكبر. و مع وجود العدالة الاجتماعية في الأنظمة الديمقراطية كان الاقتصاد الرأسمالي كفيلا بخلق فرص أكبر لاقتصاد اكثر نمو. فتبعت الثورة الصناعية ثورة رقمية سمحت بخلق إنتاج رقمي جديد بموارد لا محدودة وإنتاجية لا نهائية.
فأصبحت الفكرة أعظم قيمة محتكرة، ومن ذاك الزمن والإنسان في سباق مع نفسه مع كل محتكر